من دماغي

أسامة الشاذلي كتب: ميازاكي .. إمبراطور الأنيمي الياباني الذي غير وجه الصناعة

نُشِر المقال في 24 يونيو 2018م على موقع الليلة الكبيرة

أن تولد تحت قصف القنابل فتخوض معركة ضد الحروب طيلة حياتك

ولد ميازاكي في طوكيو في الخامس من يناير عام 1941 والحرب العالمية الثانية مشتعلة لتنتقل أسرته للريف عام 44 وعمره 3 سنوات هربًا من قصف القنابل، وبين والد يعمل في تصميم الطائرات ووالدة طريحة الفراش منذ بلغ السادسة من عمره نتيجد مرض في الحبل الشوكي كان على الطفل أن يصنع عالمه الخاص الذي يحميه من قسوة الواقع، قراءة الاساطير ثم كتابتها كانت هواية الطفل التي صاحبت الرسم.

ثم حاز على بكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصادية وأثناء دراسته بدأ حياته الفنية -1961- (قبل تخرجه من جامعة “غاكوشاين” بعامين)، في شركة “توي انميشن” كمكمل رسومات وكان اقتراحه بتغيير نهاية فيلم “رحلات جوليفر فيما وراء القمر” 1966 نقطة تحول في مسيرته التي بدأت عام 79 من فيلم ” لوبين الثالث-قلعة كالجيسترو”والذي كان مسلسلاً من 13 حلقة قبل تحويله إلى فيلم.

ناهض الحرب في معظم أفلامه وانتصر للسلام

الصانع العبقري

لم يحب ميازاكي ما يقدمه والت ديزني كان يراه مفرطًا في الإصطناع، ويقول إنه لا يشعر بالارتياح للطريقة الاصطناعية والمطهرة في تصوير ديزني للطبيعة لهذا وفي عام 1973 ميلادي توجه هو ورفيق مشواره الفني المخرج إيساو تاكاهاتا إلى سويسرا لهدف تحديد ومشاهدة الأماكن التي ألهمتهم في العمل “هايدي فتاة الألب ” وقد عمل ميازاكي كرسام مصمم ومنظم للمشاهد وتشارك في الإخراج مع تاكاهاتا.

في عام 1975 توجه هو وتاكاهاتا أيضا إلى أماكن محدده في إيطاليا والأرجنتين وذلك من أجل إنتاج العمل “ثلاثة آلاف ميل في البحث عن أم” ماركو يقال بأن الأماكن في العمل كما كانت على الطبيعة هناك

في عام 1978 قام بكتابة ورسم وإخراج أول مسلسل كرتوني خاص به “كونان فتى المستقبل” عدنان ولينا وكان نجاحه مذهلاً حقًا فقد تمت دبلجته إلى معظم لغات العالم ومن بينها اللغة العربية، حيث قام بدبلجته مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي وهي جهة حكومية خليجية تابعة لمجلس التعاون الخليجي في مطلع الثمانينات ليستمر بثه بشكل مكثف على الشاشات العربية، ولا يزال حتى الآن يذكر على أنه أفضل مسلسل رسومي لدى كثير من العرب.

وحده يصنع أسطورة الإنمي الياباني  وقد عمل ميازاكي في عدة شركات أثناء مسيرته، فبعد عمله في شركة “توي” قدم استقالته مع “إيساو تاكاهاتا” رفيق دربه، وعملا معاً في عدة شركات، ليستقرا في ستوديو “نيبون أنميشن”، بعد ذلك انتقل ميازاكي وتاكاهاتا إلى ستوديو “توب كرافت”، وفي النهاية أسس ميازاكي مع “ياسويوشي توكوما”، وكذلك “تاكاهاتا”، ستوديو “جيبلي” والذي أنتج فيه ميازاكي معظم روائعه، ويعتبر فيلم “الأميرة مونوكي 1997 “، الذي أنتجته الشركة، أول أفلام ميازاكي الذي يتم فيه استخدام الكمبيوتر وتقنيات التحريك المتطورة، ليحقق رقمًا قياسيًا في شباك التذاكر في اليابان، هذا الرقم أسقطه ميازاكي نفسه عام 2001 عبر فيلم المخطوفة (30 مليار ين)، ويعتبر فيلم “قلعة هاول المتحركة” عام 2004 من أهم أفلام ميازاكي على مستوى التقنية الجديدة، ويظهر فيه التقنيات الرقمية الرفيعة والإنتاج العالي الذي بدأ يسيطر على أفلام “جيبلي”، والشركة تتخذ من توتورو (إحدى شخصيات أفلام ميازاكي) شعاراً لها، وقد انضم “جورو” ابن ميازاكي إلى الشركة ليصبح زميلاً لميازاكي وتاكاهاتا والأسطورة الموسيقية “جو هيسايشي”، من هنا يمكن الحديث عن العائلة الفنية باعتبار “أكيمي أوتا” زوجة ميازاكي هي زميلته بالمهنة كذلك، وقد شارك “جورو” -ابن ميازاكي- والده أحد أعماله عندما كتب له سيناريو فيلم “من أعلى تلة الخشخاش”

الإعتزال

يقول ريتشارد برانسون مؤسس سلسلة “فيرجن” : يظهر اهتمامي في الحياة من خلال جعل نفسي عظيما ، جعلها تحديات مختلفة غير ممكن الوصول لها و المحاولة للتغلب عليها، وهذا ما فعله ميازاكي تماماً، فبعدما وضع الرسوم المتحركة اليابانية على الخريطة العالمية  وفي مكان بارز للغاية قرر الإنسحاب والاكتفاء بما قدم تاركًا تلاميذه يكملون الرحلة.

فبينما يتحدث ميازاكي عن عظماء أثروا في حياته وفي فنه بالأخص، مثل “كيروساوا” (مخرج فيلم إيكيرو)، وكذلك الروائي لويس كارول (كاتب رواية أليس في بلاد العجائب)، وأيضًا ديانا وين جونز، كذلك فإن فيلم الرسوم المتحركة “حكاية الأفعى البيضاء-1958″ كان بمثابة الشغف الذي دفعه للعمل في الرسوم المتحركة، بالمقابل فإنه أثر في عظماء آخرين، مثل “بيت دوكتر” و”غلين كين” مخرجا الرسوم المتحركة في ديزني

نجد جون لاسيتير، المخرج في والت ديزني، ومؤسس استوديوهات بيكسار، الحائز على جائزتي أوسكار، يقول “إن العملاق الياباني هو أعظم صانعي الأفلام، وأحد أبطالي الخارقين، في بيكسار عندما نواجه مشكلة ما في أحد المشاهد، لا نستطيع حلها، نقوم بعرض أحد أفلامه لنعرضها على طاقم العمل من أجل الإلهام، ودائمًا تنجح هذه الطريقة، ونخرج مذهولين، إن فيلم “حكاية لعبة” الحائز على أوسكار مدين بالكثير لأعمال ميازاكي”.

أسامة الشاذلي

روائي وكاتب وناقد مصري تخرج من الكلية الحربية عام 1994 وظل بالخدمة حتى استقالته في يناير 2005، ليتفرغ بعدها لدراسة النقد السينمائي والكتابة، قام الشاذلي بتأسيس مواقع إلكترونية متخصصة في المحتوى النوعي “دائم الخضرة” مثل “كسرة – المولد – الميزان” إضافة إلى المشاركة في تأسيس موقع السينما دوت كوم، وكتب مقالات في كثير من المؤسسات الصحفية، إضافة إلى إنتاجه الأدبي حيث كتب ٨ روايات ومجموعتين قصصيتين، ولأسامة الشاذلي تجربة في كتابة الشعر الغنائي إلى جانب تحريره وإعداده أعمال إذاعية وبرامج تلفزيونية، إضافة لإنتاج وصناعة أفلام وثائقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *