من دماغي

أسامة الشاذلي كتب: شريف منير .. سيرة فنان تثير الخوف والقلق

شريف منير
شريف منير

نُشِر المقال يوم 20 يونيو 2018م على موقع الليلة الكبيرة

حفل موسيقي لفرقة شابة على مسرح كلية التربية جامعة عين شمس عام ١٩٨٦، تبدو الأغاني غير مألوفة لكن عازف الدرامز يخطف العين، كنت في الصف الأول الإعدادي، توقف الصوت من حولي فقط خطفني أداء العازف الشاب وشغفه الرهيب بآلته الموسيقية، تأملته جيدًا بجسده النحيف ووجهه المثلث وشعره الأشقر المجعد وزوج من العيون الملونة، وانتظرت حتى نهاية الحفل حتى أعرف اسمه حين يقدمه قائد الفرقة، وحفظت الاسم جيدًا: شريف منير.

البداية

وفي بداية الطريق يبحث الجميع عن نصف فرصة، يعملون ما لا يحبون حتى يصبحون قادرين على عمل ما يحبون إلا شريف منير، ذلك الشاب المولود في المنصورة في ١٤ مايو ١٩٥٩ والذي بدأ حياته الفنية عازفًا للدرامز حتى نصحه الفنان صلاح جاهين بالاتجاه للتمثيل ودراسته فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

يشارك في أدوار صغيرة لأفلام مهمة مثل عودة مواطن وبيت القاصرات وحكايات الغريب والهروب، ثم تكبر مساحة الأدوار في التسعينيات ليقدم أعمالاً مثل ديسكو ديسكو  ورومانتيكا وهيستريا والكيت كات

يقول عباس محمود العقاد : “طالب المجد المخلوق للنجاح المهيأ للعمل يصنع التجارب ولا يقولها ويمشي الطريق إلى الغاية ولا يرتسم خطاها ويقيس أبعدها”.

كانت الموهبة الكبيرة واضحة لكن شريف منير لم يكن طالبًا للمجد

التوهة

مع بداية الألفينات يتجة شريف منير لمجموعة من الأعمال التجارية، لا يتذكر أحدنا دوراً مهماً أداه عدا دوره في سهر الليالي، أتسائل عن ذلك الشاب المسكون بالشغف على المسرح القديم أمام الدرامز، يبدو غضب ابن جيل الثمانينات الذي ضمه ومعه هشام سليم ووائل نور وممدوح عبد العليم وأحمد سلامة واضحًا من تفوق الجيل الذي يليه عليه فنيًا، يكتفي ببطولات جماعية وأدوارًا ثانية، يمتلئ بالغضب فيقدم بطولات غير ناجحة، يقولون أن الغضب يقتل الشغف، فماذا عن الموهبة.

عندما توشك على الضياع عليك أن تبحث عن نفسك، لكن صاحبنا بحث عن الأخر.

شريف منير

انتهت كل الفرص، وتوقفت السينما عن ضخ نجوم جديدة للصف الأول، صار صعبًا بل مستحيلاً في حالة الركود التي تعيشها الشاشة أن يتقدم أحدهم الصفوف، قدم الفنان الذي اقترب من عمر الـ٦٠ مجموعة من المسلسلات التي لم تلاقي نصف نجاح مسلسلات شارك فيها في بدايته، وكيف نقارن بين قلب ميت وليالي الحلمية مثلاً، بل وعلى مستوى الأفلام قدم من ٣٠ سنة بعدما قدم الكيت كات.

يبدو مدهشًا بل ومخيفًا أن تمتلك كل تلك الموهبة وذلك الشغف في بداية الطريق وتكون هذه نهايته، يطرح هذا تساؤلاً عن القيمة والقيم، يعود منير لشاشات التليفزيون ببرنامج من أجل استمرار الظهور والمال – ولا يعيب عليه أحد في ذلك – وميكروفون الإذاعة لتقديم نسخة رديئة من برنامج الأستاذ فؤاد المهندس الأشهر “كلمتين وبس” وكأنه قرر أن يعمل بلا قيمة، وأن يتخلى عن كل القيم.

يخرج في فيديو قبيح ليخوض معركة بلا قيمة

تقول الأسطورة أن من يفقد الشغف يسقط في حفرة مظلمة باحثًا عن الظل لأنه قرر أن يغلق عينيه.

أسامة الشاذلي

روائي وكاتب وناقد مصري تخرج من الكلية الحربية عام 1994 وظل بالخدمة حتى استقالته في يناير 2005، ليتفرغ بعدها لدراسة النقد السينمائي والكتابة، قام الشاذلي بتأسيس مواقع إلكترونية متخصصة في المحتوى النوعي “دائم الخضرة” مثل “كسرة – المولد – الميزان” إضافة إلى المشاركة في تأسيس موقع السينما دوت كوم، وكتب مقالات في كثير من المؤسسات الصحفية، إضافة إلى إنتاجه الأدبي حيث كتب ٨ روايات ومجموعتين قصصيتين، ولأسامة الشاذلي تجربة في كتابة الشعر الغنائي إلى جانب تحريره وإعداده أعمال إذاعية وبرامج تلفزيونية، إضافة لإنتاج وصناعة أفلام وثائقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *