نُشِر المقال يوم 18 يوليو 2021م على موقع الميزان
لن تصبح رجلاً عظيمًا لأنك ارتديت اللبس الميري – يا أبو الشريط يا أحمر ياللي – فقط سوف تصبح كذلك إذا تعلمت وكانت مبادئك تليق بالعظمة
ظهرت النتيجة وتم قبولي طالبًا في الكلية الحربية، وبعد أسبوع عليّ أن أسلم نفسي للكلية لبدء فترة المستجدين، عشرات المهنئين من الأهل والأقارب والجيران، الكل سعيد بنتيجتي رغم حزنهم قبل أسابيع من مجموعي المنخفض في الثانوية العامة على العكس من كل إخوتي.
انتهى اليوم ومر الاحتفال، لكنني وحدي على فراشي أبكي وبعنف على تلك النتيجة، خوفًا ما داهمني تجاه مستقبل لا أعرفه ولم أفهمه، فقط أسر ابن خالتي الطيار في أذني ليلتها قائلا “ما يحدث لك لا تصنعه في غيرك ان استطعت”.
تساءلت ماذا يحدث لي؟
وكيف أمنعه عن غيري؟.
في البداية تبدو النهاية واضحة
طابور طويل نحمل فيه أمتعتنا لنودع الحياة المدنية استعدادًا للتحول لرجال عسكريين، أشعر بخوف رهيب لكنني منساق مع الجمع نحو الهدف، أتسلم كل مهماتي العسكرية وأحلق شعري وأرتدي الزي العسكري لأتحول إلى : ٨١٠ طالب مقاتل أسامة الشاذلي دفعة ٨٨ حربية، يتم توزيعي على السرية الثانية والفصيلة الرابعة بصحبة أكثر من ٣٠ زميل سيتحولون مع الوقت إلى عائلتي الحقيقية وأسرتي ودعمي الذي لا ينتهي.
أبكي في الليلة الأولى على فراشي في عنبر الكتيبة الثانية في مبنى محمد فريد لأني طلبت تشغيل مروحة في تلك الليلة في النصف من أكتوبر وأجابني طالب نهائي – دفعة ٨٦ حربية – قائلاً: اسكت يا أبو شخة من امتى والمستجدين ليهم طلبات.
بكيت نصف ساعة ونمت حتى الخامسة والنصف من فرط الاجهاد حيث لم أتوقف عن الجري ليوم بأكمله وفي الخامسة والنصف صباحًا كان موعدي مع نوبة صحيان التي تدق لتوقظ الكلية الحربية المصرية بأكملها وهي النوبة التي سأحاول طويلاً لمدة ٣ سنوات التملص منها، تلك النوبة التي أثق تماما أنها تشبه النفخ في الصور يوم القيامة، وهي تشبهها تمامًا حتى تستطيع أن توقظ تلك الأجساد المرهقة بشدة من فرط المجهود في اليوم والليلة السابقة.
لا أحب العدس
مثل أي شخص عادي رفضت تناول العدس في الإفطار في الأيام الثلاث الأولى في فترة المستجدين، حتى زار سيادة اللواء ميس المستجدين – والميس هو المكان الذي نتناول فيه الطعام – ليجد طبقي الغويط نظيفًا فارغًا، سألني مستفهمًا
- طبقك فاضي ليه مكلتش عدس؟
- مبحبوش
- هنا ينتهي المقال ونحكي عن رد الفعل في المقال القادم
أسامة الشاذلي
روائي وكاتب وناقد مصري تخرج من الكلية الحربية عام 1994 وظل بالخدمة حتى استقالته في يناير 2005، ليتفرغ بعدها لدراسة النقد السينمائي والكتابة، قام الشاذلي بتأسيس مواقع إلكترونية متخصصة في المحتوى النوعي “دائم الخضرة” مثل “كسرة – المولد – الميزان” إضافة إلى المشاركة في تأسيس موقع السينما دوت كوم، وكتب مقالات في كثير من المؤسسات الصحفية، إضافة إلى إنتاجه الأدبي حيث كتب ٨ روايات ومجموعتين قصصيتين، ولأسامة الشاذلي تجربة في كتابة الشعر الغنائي إلى جانب تحريره وإعداده أعمال إذاعية وبرامج تلفزيونية، إضافة لإنتاج وصناعة أفلام وثائقية.