“أنزلني الدهر وأنزلني حتى قيل معاوية وعلي”
من أبلغ وأوجع عبارات الإمام علي بن أبي طالب
عندما تكون طفلًا وتفدي ابن عمك رسول الله بروحك وتبات في سريره فأنت تدرك بلا شك قيمة التضحية وتقدمها عن طيب خاطر، هذا ما فعله علي بن أبي طالب طفلًا ساعة الهجرة وحين تقدم ليحارب عمرو بن ود فارس العرب في غزوة الخندق ويقتلع أمام ذلك الخليط العجيب من العرب واليهود بدعوة رسول الله، ثم يحمل سيف محمد بن عبد الله رسول الله في غزوة خيبر بعدما أبلغ الرسول قومه أن هذا السيف يحمله غدا رجل يحبه الله ويحبه، ويقاتل اليهود ودرعه باب حصن، حتى أن الرواة اعتبروا علي بن أبي طالب هو أفرس العرب، وأصحاب اللغة اعتبروا شعره الأكثر تأثيرا بعد الإسلام، بل وزوجه رسول الله ابنته فاطمة المقربة لنفسه.
كل هذا ويأتي أخر الزمان ليجد نفسه على مرتبة واحدة مع معاوية بن أبي سفيان، كاتب الوحي المرتد الذي أصبح من الطلقاء يوم فتح مكة، ياله من ألم لا يشفى عندما نقارن بمن نحتقر.
ليس هناك أسوأ من أن تفني عمرك في خدمة قضية ما ثم ترى أحدهم يستغلها.
لكن في طبيعة الحال وفي دورته المستمرة كان التاريخ شاهدا على تلك النظرية، كانت الهزيمة حق على كل الحالمين الطيبين، استشهد عليا وحكم معاوية، واستشهد الحسين وحكم يزيد، واستشهد عمر بن عبد العزيز لتحكم عائلة رفضت عدله، ونفى ستالين تروتسكي ووتمت خيانة طومانباي وسقط جيفارا صريعا للخيانة وبقى كاسترو بديلا ديكتاتوريا.
مات توماس سانكارا في بوركينا فاسو وقبله لومومبا في الكنغو ونكروما في غانا وغيرهم.
التاريخ يكتبه طبالو السلطان المنتصر، فسحقا للتاريخ.
لهذا كانت هزيمة الإمام علي بن أبي طالب لها حتمية تاريخية في صراعه مع معاوية.
هزيمة المباديء والأخلاق والبراءة أمام المكر والخديعة وتوافق المصالح.. ثلاثية تهز ثلاثية طيلة الزمن، الغريب أن المهزوم لم يفنى حتى الأن وما زال يحلم بالنصر.
أو كما قال في شعره
لنفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعـد المــوت يسكُنهـا *** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فـــإن بناهـا بخير طـاب مسكنُـه *** وإن بناهــا بشر خــاب بانيـــها
أموالنا لــذوي الميراث نجمعُها *** ودورنا لخــراب الدهــر نبنيـــها
أين الملوك التي كانت مسلطــنةً *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
أسامة الشاذلي
روائي وكاتب وناقد مصري تخرج من الكلية الحربية عام 1994 وظل بالخدمة حتى استقالته في يناير 2005، ليتفرغ بعدها لدراسة النقد السينمائي والكتابة، قام الشاذلي بتأسيس مواقع إلكترونية متخصصة في المحتوى النوعي “دائم الخضرة” مثل “كسرة – المولد – الميزان” إضافة إلى المشاركة في تأسيس موقع السينما دوت كوم، وكتب مقالات في كثير من المؤسسات الصحفية، إضافة إلى إنتاجه الأدبي حيث كتب ٨ روايات ومجموعتين قصصيتين، ولأسامة الشاذلي تجربة في كتابة الشعر الغنائي إلى جانب تحريره وإعداده أعمال إذاعية وبرامج تلفزيونية، إضافة لإنتاج وصناعة أفلام وثائقية.